فن و ثقافةمجتمع
من صناعة التفاهة إلى ترشيد الوعي الفرجوي لمجتمعاتنا
لعل أسوء مانعيشه اليوم داخل قوالب متسلسلة من القيود الخفية المكبلة للوعي العربي ، التفنن في صناعة التفاهة على المستوى العالمي، والعالم العربي بالخصوص. الكل يعي تماما مستوى التحول الاجتماعي الرقمي المخيف والذي تغيرت به سلوكات مجتمعات بأكملها مع آفة الدخيل الجديد المسمى “بالتيكتوك” والذي لاتجد كبيرا أو صغيرا ولا حتى رضيعا الا ويتصفح عوالم تفاهته من رقص واكل ومشي في الطرقات وحوارات ممتدة لايف لساعات تقود منصاتها ممتهنات لتجارة هوى ماجن عابر للقارات يمر يوميا على مرأى ومسمع اسرهن دون أدنى اعتبار لقيم مجتمعاتهن . ضحك بلا معنى ، مجون زائد ، عروض أزياء فاضحة موائد طعام ، رقص في البيت والأعراس والطرقات والتافه المميز هو الحاصل على أكبر عدد من جمهور الفرجة التفاهاتية…نعم هي صناعة لتفاهات متقنة اشتغل مهندسوها في مختبرات تدجين العقل للأجيال تحت مسمى “حروب اعداء الذكاء” تتدفق بآليات وتقنيات متطورة عبر وسائل رقمية مختلفة، لطمس هوية هذه الأجيال التي حوصرت وكبلت بأجهزة الاندوييد ليتم تحويلها إلى مجرد كتل بشرية تعيش ولاتحييى، ف”الحياة الطيبة” لها سمو ومعنى .والمعيشة يعتريها الضنك تأكل وتشرب بلا هدف ولا هوية ولا طموح .”معيشة ضنكا” صناعة التفاهة اليوم تحولنا من صناعة التمكين إلى صناعة الكلالة “عبد كل على مولاه أينما توجهه لايأتي بخير” ، فكر تافه عقل تافه طموح تافه، مستقبل مبني على أوهام الصور؛ كتل الجسد ؛وصفات الاكل والجمال ومتعة الفرجة في كل الأشياء بشرط تجنب الفكر الواعي والناقد . فتتحول الأفكار من قيمة المعنى إلى تفاهة العبث بالجسد وتغيير ملامحه عبر تطبيقات تعبث بالمشاعر وحالات اللارضى عن النفس والشكل . لينغمس جيلنا بضغوط نفسية في قوالب جديدة من عوالم صناعة الوهم الجمالي المفبرك اما بتطبيقات أو بوتوكسات وفيلترات وعمليات تجميل وشد كل أجزاء الجسم ماعدا شد الانتباه نحو تجميل وصيانة موهبة جمال نعمة العقل..! للاسف نتحدث عن دخيل مؤثر وصناعة لن تتوقف لأن ارباحها طائلة، سياستها الخفية اشتغل عليها منذ ازمنة بعيدة وهي الآن في مراحل المدى البعيد من استراتيجيتها…!!
لكن هل سنستسلم ؟ هل سنترك مجتمعاتنا تدمر بفعل هذه الحروب التكنولوجية الميتافيرسية؟ ألم يحن الوقت للنخب أن تتدخل لتوجيه البوصلة المنفلتة ؟ ألم يحن الوقت لاطلاق مبادراة صفارات الانذار من قبل النخب المثقفة لإيقاف هذا العبث وتوجيه سيولة هذه الرموز التافهة التي تقود اجيالنا نحو الخراب الروحي والفكري بلا رحمة ، أين دور الآباء والأمهات الذي انجرف أغلبهم في سيول هذا المد التفاهاتي المؤلم بحيث تجد أسرة كاملة في مطعم بحجز موحد، وتوجهات تيكتوكية تويتيرية انستغرامية فيسبوكية متعددة!!!! عالم من الفوضى الأخلاقية روادها محترفي تجارة الوهم، النصب، الاحتيال بشتى ألوان عروضه المادي المعنوي الروحي والمشاعري !!! فهل تستطيع الاسر والتعليم والدين والمجتمع التدخل بنفير استراتيجي موحد لترشيد المقروء وتوجيه المحتوى والتدخل بصناعة محتويات فاعلة تمنع اختطاف هذه الأجيال، وتقف في وجه تخريب عقول الثروة الفكرية لمجتمعاتنا.
أ.د مريم آيت أحمد رئيسة مركز إنماء للأبحاث والدراسات المستقبلية جامعة ابن طفيل المملكة المغربية
Enter the text or HTML code here