انتهى زمن المبدعين والمثقفين

يحز في النفس أن تعاين زحفا على التلفزيون والسينما والدراما والوصلات الاشهارية التي تكاد تخنقنا وعلى العالم الازرق، لأشخاص من كلا الجنسين لا علاقة لهم بالفن. لقد تم تغييب الفنانين الحقيقيين عن المشهد، فهم يموتون في صمت بسبب الإقصاء والفقر وظلم التاريخ ، حلت محلهم وبشكل مقصود، وجوه سقطت بالمظلة تفتقد للكاريزما وللحضور أمام الكاميرا..تتسم بجمال مزيف خادع أبدع في إخراجه البوطوكس وتكنولوجيا تزييف حقيقة الوجه والجسد. لكي تصبح نجما ما عليك سوى أن تصور فيديو بغض النظر عن محتواه واتركه يجول ويصول في الطرقات المظلمة للعالم الافتراضي، وبين عشية وضحاها تصبح نجما تعرفه كائنات المحيط الهادي والهندي والبحر الادرياتيكي وغيرها من بحار التفاهة، وهذا ما يطلق عليه باستسهال الشهرة وتنميط ردود الفعل وتسطيح الثقافة وجعل ما هو محضور أمرا مباحا ومقبولا كما هو الشأن بالنسبة للخرافة التي تصبح واقعا نتعايش معه ..هذه الكيانات فاقدة للمعنى وللرموز وللقيم، زحفت على مشهدنا العام وتحولنا الى مشاهدين سلبيين وهم المتكلم الوحيد، تروج للتفاهات كما تختزل غنى المغرب وتاريخه ورجالاته ومبدعيه ونضالاته الحقوقية في التفاهة والبيع والشراء والنفاق الإجتماعي.
تحول الحمقى والسفهاء إلى خبراء ومنظرين يخطبون في مواطني هذا البلد صباح مساء، أصبح الزديح والرديح وتدوير المؤخرات والفضيحة والركض وراء النجومية بالقفز على الحواحز، عنوانا لمرحلة ما بعد الحداثة المتوحشة …فالتكنولوجيا الرقمية عرت الانسان وحولته إلى غول شرس لا يفكر بل يسقط إخفاقاته و عدوانيته على البلاد والعباد باستعمال المنصات المتنقلة لمواقع التواصل الاجتماعي..لقد حان الوقت لتقنين هذه الفوضى في العالم الافتراضي وتقويم الاعوجاج الحاصل في التمثيل والتسنطيح ، كما حان الوقت بالنسبة لوزير المالية لفرص الضرائب على الذين يجنون أموالا خيالية دون تأدية ولو سنتيم واحد للدولة من المركوتينغ الافتراضي الذي يفوت على المغرب الملايير من الدراهم …
حسن لحمادي

Enter the text or HTML code here

Exit mobile version