2016/05/03
يواجه المغرب مشكلات وتحديات في ملفين رئيسيين ومصيريين، وهما التعليم وقضية الصحراء الى مستوى أنهما تحولا الى عنوانين بارزين من عناوين فشل الدولة المغربية نتيجة الارتجال وغياب الرؤية المستقبلية.
ويعيش الرأي العام المغربي على إيقاع الاعتراف التدريجي من طرف مكونات الدولة المغربية من نظام وحكومة وأحزاب بفشل منظومة التعليم طيلة العقدين الأخيرين. ويترتب عن هذا الفشل وضع مقلق يجعل الحديث عن أي تطور مستقبلا يجانب الصواب خاصة الذين يعتقدون في احتمال تحول المغرب الى دولة ستنتمي الى نادي الدول الصاعدة.
والتساؤل المنطقي: هل يعقل الحديث عن الانضمام الى نادي الدول الصاعدة في وقت لا تنتج فيه منظومة التعليم أطرا وخبراء في الرياضيات والفيزياء وصناعة الأدوية وعلم الاجتماع؟ هل يقدم التاريخ نموذجا لقفزة حضارية بدون نهضة علمية؟ لا ثم لا.
وتعترف الدولة المغربية بفشل منظومة التعليم، لكنها لا تمتلك الشجاعة لتقديم التفسير المنطقي والعوامل التي أدت الى هذ الكارثة التي ترهن الأجيال المقبلة في البلاد. وعلى رأس هذه العوامل، الارتجالية بدل الرؤية السديدة، والانفراد بالملف بدل مبدأ التشاركية.
السناريو يتكرر نفسه في ملف مصيري آخر، الصحراء، ملف مصيري بشهادة الداخل والخارج ومعطيات التاريخ، وذلك نظرا لما يشكله المفهوم السياسي والديني للوحدة الوطنية في تاريخ الشعب المغربي.
وعليه، يشهد ملف الصحراء تطورات لا تصب نهائيا في صالح المغرب. ومعطيات الواقع ناطقة وشاهدة على تراكم الارتجالية والأخطاء الى مستويات لا يمكن أن تنتج سوى ما أنتجته في الوقت الراهن من وضع سيء لموقف المغرب بكل ما تحمله الكلمة من أقصى وأقسى حمولة هذا المعنى رغم عمليات التجميل الدبلوماسي والإعلامي الذي يرغب البعض في إضفائها على قرار مجلس الأمن الأخير 2285/2016 المصادق عليه يوم 20 أبريل 2016.
وعمليا، من العناوين الشائكة لملف الصحراء على المستوى الدولي أساسا، هناك ما يلي:
-ارتفاع عدد الهيئات الرسمية وغير الرسمية على المستوى الدولي التي لا تحمل موقفا وديا تجاه مصالح المغرب في نزاع الصحراء وتميل الى جبهة البوليساريو. وتسعف الكثير من الأمثلة في هذا الشأن مثل موقف واشنطن وقرار المحكمة الأوروبية بإلغاء اتفاقية الزراعة مع المغرب وفقدان المغرب للسند في أمريكا اللاتينية.
-تدويل متسارع لملف الصحراء على المستوى الدولي بعدما كان محصورا إقليميا، ومع هذا التدويل ترتفع خسائر المغرب نظرا للدور المتعاظم للرأي العام الدولي في التاثير على صناعة القرار.
-إحياء استفتاء تقرير المصير وسط الأمم المتحدة مع التهميش التدريجي للحكم الذاتي حلا لنزاع الصحراء.
ووصل ملف الصحراء الى الوضع الكارثي الحالي، حتى أن الملك يتحدث عن مؤامرة، نتيجة تراكم عوامل سلبية تقع تحت عنوان الارتجالية، حيث نجد اعتبار الدولة لتصريحات البروتوكولية مواقف سياسية مؤيدة للمغرب حتى تقع المفاجأة كما يحدث الآن مع الموقف الأمريكي. ثم ارتهان الدولة الى محللين رسميين وتابعين يقدمون تحاليل ترضي الحاكم بدل أن تشكل بوصلة للعمل الاستراتيجي. وأخيرا انفراد الدولة بالملف وكأنه حق تاريخي للسلطة دون باقي مكونات الشعب.
ملف التعليم والصحراء سيشهدان مزيدا من التدهور نتيجة غياب مبدأ التقييم الحقيقي بدون ماكياج سياسي لإرضاء الحاكمين، ومبدأ تحمّل المحاسبة للفاعلين مهما كان موقعهم.
غياب التقييم والمحاسبة يقود في مجتمع مثل المغربي الى سيادة والوهم بامتياز ثم مرحلة التفكك…والتاريخ ناطق وشاهد ومليئ بالأمثلة
ألف بوست
Enter the text or HTML code here