توزيع الميراث بالتساوي إذا كان قبل وفاة المورث فهو جائز شرعًا لأنه في هذه الحالة المورث يوزع ماله قبل وفاته وفي هذه المالة تسمى هبة وليست ورثة أو تركة. ويجوز على المورث في هذه الحالة أن يقسم ماله بين ورثته في حياته بشرط ألا يقصد الإضرار ببعض الورثة ، فيمنع بعضهم أو يعطيهم دون حقهم إضراراً بهم .
أما توزيع الميراث بالتساوي إذا كان بعد وفاة المورث فهو غير جائز شرعًا. والجائز أن يأخذ كل واحد من الورثة حسب الشرع. ولكن يجب أن ننوه أن توزيع الميراث بالتساوي قد يجوز حتى بعد وفاة المورث في حال اتفاق الورثة على توزيع الميراث بالتساوي وأن يكون كل الورثة بالغين عاقلين راشدين.
ولكن يجب على المسلم أن يعتقد أن قسمة الله تعالى أعدل وأفضل، ويحرم على المسلم أن يعدل عنها كرها لها أو عن اعتقاد أن فيها جورا أو غير مناسبة أو نحو ذلك. قال الله تعالى في سورة التين: (أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ). وقال الله تعالى في سورة المائدة: (وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ).
توزيع الميراث بالتساوي في حياة المورث
يجوز للمورث توزيع ماله بالتساوي في حياته. ولا حرج في ذلك في الشرع. وتقسيم التركة للورثة قبل الوفاة، إن كان على سبيل الهبة فلا بأس، وإن كان على سبيل الإرث فلا يصح، لأن الشخص المورث لا يزال حياً والحي لا يورث، ولكن الأفضل للشخص المورث نفسه ألا يفعل ذلك.
والشخص المورث إذا قسم ماله بين ورثته أخرج مال من ملكه، وربما احتاج إلى ماله في حياته بعدها، لذلك الأفضل للشخص المورث أن يبقي لنفسه شيء يغنيه عن ورثته، ويبقي له شيئًا يسد حاجته، وقد يحصل للشخص مضرة بسبب توزيع الميراث في حياته. كونه قد يحتاج ماله بعد أن يكون قد أخرجه من ذمته وملكه.
وإذا كان الشخص المورث قد قسم ماله بين ورثته في حياته لئلا يكون بين ورثته خلاف بعد موته فهذا سوء ظن. والله تعالى قد جعل الميراث يقسم بعد موت الشخص المورث. لذلك يجب أن يبقي ماله في يده حتى يموت ويوصي بما أحب من الثلث أو أقل فلا بأس، هذا هو أحوط له، قد يقسم المال بين ورثته ثم يندم لعدم قيامهم بما يلزم من جهة حقه.
توزيع الميراث بالتساوي بعد وفاة المورث
يجوز توزيع الميراث بالتساوي بعد وفاة المورث ولكن بشروط هي أن يكون كل الورثة بالغين عاقلين راشدين. والشرط الآخر هو التراضي فيجوز توزيع الميراث بالتساوي في حال اتفاق كل الورثة على هذا التوزيع وشرط أن يكون التراضي حقيقي دون إكراه على ذلك.
إذا توفرت الشروطُ السابقةُ بكون الورثة بالغين عاقلين راشدين، ويعتد بتصرفهم شرعاً والتراضي حقيقي فالميراث بالتراضي جائز، حيث يكون توزيع الميراث بالتساوي عندئذ جائز بالاتفاق في تقسيم التركة بينهم بالتساوي ولكن من منطلق الإحسان والصلة لا من منطلق عدم الرضا بالقسمة الشرعية لا سمح الله.
ومن المفيد التذكير أن التقسيم والتوزيع يكون من بعد سداد الدَّين وتنفيذ الوصية وذلك لقول الله تعالى في سورة النساء: (مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْن). وبالاتفاق الدّٙين أحق من الوصية. والأفضل هو الامتثال لشرع الله في فقه المواريث فالله تعالى هو أحكم الحاكمين وقسمة الله تعالى هي الأعدل والأفضل.
لماذا لا يوزع الميراث بالتساوي
الله تعالى أعلم بمصالح عباده منهم، فوضع القسمة بينهم على التفاوت على ما علم من مصالحهم، وقد وضح القرآن والسنة حكم المواريث بأبين بيان، وأوضح بيان. فالرجل تجب عليه النفقة وما يتعلق بها بخلاف المرأة فلا يجب عليها شيء من ذلك، فالمرأة مرعية في كنف أبيها، أو من يقوم مقامه شرعا حتى تتزوج، فإذا تزوجت لزم زوجها نفقتها حتى لو كانت الزوجة غنية، والتسوية بينهما ليست من العدل.
وعند تتبع أحوال المرأة في الميراث نجد أن هناك أحوال ترث فيها المرأة نصف الرجل، وأحوال ترث فيها المرأة مثل الرجل، وأحوال ترث فيها المرأة أكثر من الرجل، وأحوال ترث فيها المرأة ولا يرث فيها الرجل. والاختلاف في الميراث بين الرجل والمرأة ليس فيه ظلم للمرأة والإسلام لم يظلم المرأة حين لم يسوِّ بينها وبين الرجل في الميراث تسوية مطلقة. بل في ذلك جهل بالتفاصيل الحكيمة لصور ميراث المرأة في الإسلام، والتي تأخذ في بعضها أكبر من نصيب الرجل
أسباب عدم توزيع الميراث بالتساوي
هناك كثير من الأسباب لعدم توزيع الميراث بالتساوي بين الورثة. وقد فاوت الله بين الصنفين، فجعل للذكر مثل حظ الأنثيين في بعض الأحوال، وذلك لاحتياج الرجل إلى مؤنة النفقة والكلفة ومعاناة التجارة والتكسب وتجشم المشقة، فناسب أن يعطى ضعفي ما تأخذه الأنثى في بعض الأحوال.
وكذلك من أهم الأسباب القاعدة الشرعية الغُنم بالغُرم، فكما أن الرجل إذا كان من العصبة يتحمل دية قتل الخطأ عن القاتل، فكذلك له حظ في الميراث أكثر من المرأة التي لا تتحمل شيئا من الدية.
وسبب آخر لأن الزعم بعدم مساواة المرأة الرجل في الميراث يناقض المبدأ الأصلي في المساواة بين حقوق النساء والرجال، كما في قوله تعالى في سورة البقرة: (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ) أي من الحقوق.
لأن الله عز وجل افتتح آية الفرائض بما لم يفتتح به غيرها من آيات الأحكام، فقال سبحانه وتعالى في سورة النساء: (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ)، فأخبر تعالى عن نفسه أنه موصٍ تنبيها على حكمته فيما أوصى به، وعلى عدله ورحمته، أما حكمته فإنه علم سبحانه ما تضمنه أمره من المصلحة لعباده
العدل في توزيع المواريث
ترك التركة ليتم توزيعها بعد الموت على حسب قانون الله في الميراث أولى، وتوزيع التركة قبل الممات مكروه من قبل بعض أهل العلم، وأما عن كيفية التوزيع بين الذكور والإناث فمما اختلف فيه العلماء ، فمنهم من ذهب إلى أن الأصل وجوب التسوية بين الذكور والإناث، ومنهم من ذهب إلى أن الذكر يعطى مثل حظ الأنثيين، وهذا الرأي الأخير هو الراجح.
التسوية المستحبة أن يقسم بينهم على حسب قسمة الله تعالى الميراث، فيجعل للذكر مثل حظ الأنثيين. وقال البعض تعطى الأنثى مثل ما يعطى الذكر، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبشير بن سعد : ” سو بينهم ” . وعلل ذلك بقوله : (أيسرك أن يستووا في برك ؟ . قال : نعم . قال : فسو بينهم). والبنت كالابن في استحقاق برها، وكذلك في عطيتها.
Enter the text or HTML code here