أجرى “ميسغانو أرغا” وزير الدولة للشؤون الخارجية في إثيوبيا، بداية الأسبوع الحالي بالعاصمة “أديس أبابا” مباحثات مع وفد مغربي ترأسه السفير “فؤاد يزوغ” المدير العام لمديرية العلاقات الثنائية بوزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، في إطار الدورة الأولى للمشاورات السياسية بين البلدين.
في هذا الصدد، أوضح بلاغ للخارجية الإثيوبية أن الجانبين استعرضا سبل تعزيز علاقاتهما الثنائية وتباحثا حول آليات تعزيز اتفاقيات التعاون القائمة بينهما في ميادين التجارة والاستثمار والخدمات الجوية والتعليم، وبحث سبل ترجمة الاتفاقيات السابقة المبرمة إلى إجراءات ملموسة.
كما تبادل الجانبان وجهات النظر حول مجالات التعاون المحتمل في الشؤون ذات البعد القاري والدولي، واتفقا على هامش هذه المشاورات على اجتماع اللجنة المشتركة في القريب العاجل، فيما يرى متتبعون أن التعاون الاقتصادي بين البلدين مدخل مهم لتحقيق الاندماج الاقتصادي الإفريقي وتغيير موقف إثيوبيا من قضية الصحراء، إذ ما تزال من الدول الإفريقية القليلة التي تعترف بالجمهورية الوهمية.
في هذا الإطار، قال بدر زاهر الأزرق، خبير اقتصادي، إن “التعاون المغربي الإثيوبي خاصة، والإفريقي بشكل عام، يحمل آفاقا جديدة وواعدة؛ لأن الاهتمام المغربي على المستويين الاقتصادي والسياسي كان يركز دائما على منطقة غرب إفريقيا، لكن في العقد الأخير أصبح هناك توجه مغربي نحو إفريقيا الوسطى وشرق القارة”.
وأضاف الأزرق، ضمن تصريح لهسبريس، أن “منطقة شرق إفريقيا والقرن الإفريقي تعتبر مجالا خصبا لتطوير الشراكات الاقتصادية بين الرباط وأديس أبابا، خاصة على مستوى الاستثمارات الفلاحية وضمان الأمن الغذائي لهذه الدول من خلال استفادتها من واردات الأسمدة المغربية، حيث إن إثيوبيا تتوفر على مناخ جيد ومساحات زراعية شاسعة، وبالتالي يمكنها الاستفادة من الشراكة مع المغرب لتطوير إنتاجها ورفع نسب النمو الاقتصادي”.
وأوضح المتحدث أن “المملكة المغربية تطمح من خلال هذه الشراكات إلى الولوج إلى أسواق إفريقيا الشرقية. وعليه، فإن أديس أبابا باعتبارها سوقا استهلاكيا إفريقيا ضخما، يمكن أن تصبح منصة لعبور البضائع والخدمات المغربية، خاصة المصرفية، إلى هذه المنطقة، كما يمكن للشراكة بين البلدين أن تساهم في الرفع من مستوى المبادلات التجاربة الإفريقية وتسريع الاندماج الاقتصادي والمالي الإفريقي”.
وأشار الخبير الاقتصادي ذاته إلى أن “إثيوبيا تلعب أدوارا محورية في القارة من خلال احتضانها مقر الاتحاد الإفريقي. وبالتالي، فإن الشراكة بين قوتين إقليميتين بحجم المغرب وإثيوبيا يمكن كذلك أن تثمر نتائج جد هامة على المستوى السياسي كذلك”.
تفاعلا مع الموضوع ذاته، قال محمد عطيف، باحث في العلاقات الدولية، إن “العلاقات المغربية الإثيوبية شهدت في السنوات الأخيرة تطورا ملحوظا وتقاربا اقتصاديا يترجمه تبادل الزيارات بين البلدين على أعلى المستويات، وهذا ما يؤكد وجود إرادة سياسية ورغبة قوية لدى قيادات البلدين من أجل تعميق علاقاتهما الثنائية في مختلف المجالات”.
وبين الباحث ذاته، في حديث لهسبريس، أن “وزن كلا البلدان في القارة ونفوذهما الإقليمي في مجالهما الحيوي يدفعانهما إلى رفع سقف تطلعاتهما بما يتماشى والتحولات التي تشهدها الساحة العالمية، خاصة على المستوى الاقتصادي، من أجل ضمان مصالحهما المشتركة”، مشيرا إلى أن “هذا التعاون الاقتصادي يمكن أن يشكل مدخلا أساسيا لتغير موقف أديس أبابا التي مازالت تعترف بالبوليساريو، وبالتالي سحب هذا الاعتراف على غرار ما فعلته مجموعة من دول القارة”.
وسجل عطيف أن “المغرب يحرص على الانفتاح على مثل هذه الدول على قلتها من خلال دبلوماسية ناعمة وفاعلة على أساس مقاربات براغماتية وعقلانية، وبالتالي العمل على تجاوز كل المعيقات السياسية التي تحول دون تحقيق التقارب بين الدول الإفريقية وتعزيز التعاون جنوب-جنوب”، مشيرا إلى أن “المبادرة الأطلسية التي أطلقتها الرباط جعلت منها شريكا استراتيجيا وموثوقا بالنسبة للعديد من الدول الحبيسة الراغبة في الحصول على منافذ بحرية على غرار إثيوبيا”
Enter the text or HTML code here